الارشيف / عرب وعالم

في مفارقة لافتة.. أوكرانيا تستخدم "مُسيّرات الصين" في حربها مع حليفة بكين

محمد الرخا - دبي - الخميس 11 أبريل 2024 11:09 مساءً - تحاول أوكرانيا التي تخوض حربها مع روسيا للعام الثالث على التوالي، التغلب على العقبات التي تحول دون صمود جبهتها.

وتتعرض البلاد لهجوم روسي واسع النطاق، اشتدت حدته في الآونة الأخيرة؛ إذ تمكنت القوات الروسية من انتزاع عدة مدن على طول خط الجبهة من نظيرتها الأوكرانية.

ومع نقص الذخيرة وتعثر التمويل وقلة العدد والعتاد الذي يعاني منه الجيش الأوكراني، كان لا بد من البحث عن البدائل، وفعليا، مع مطلع العام الجاري، ازداد اعتماد كييف على الطائرات المسيرة في محاولة لتعويض نقص الذخيرة، بحسب مراقبين.

بيد أن الاعتماد على المسيرات وامتلاك أساطيل منها ليس أمرا هينا، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

أخبار ذات صلة

فرنسا تعتزم تزويد أوكرانيا بأحدث "مسيرات انتحارية"

وكشفت الصحيفة أن الطائرات دون طيار الأمريكية؛ ونظراً لارتفاع سعرها وقلة كفاءتها، لم تعد مرغوبة لكييف، لكن أوكرانيا وجدت ضالتها في السوق الصيني الذي يعتبر الأضخم في هذه الصناعة، رغم اعتبار بكين الحليف الأقوى لروسيا في العالم.

وبشأن هذه المفارقة، أشار خبراء روس إلى أن الصين "لا تقوم بتصدير المسيرات إلى أوكرانيا كسلاح، بل كمسيرات للاستخدام غير العسكري".

وأضافوا، لـ"الخليج 365"، أن كييف تقوم بدورها بإجراء التعديلات عليها "لتكون مناسبة للحرب".

ولفت خبراء آخرون إلى أن الصناعات الدفاعية الغربية أثبتت "فشلا ذريعا، في المقابل أثبتت الصين وروسيا أنهما الأجدر بالتربع على عرش هذه الصناعة".

أخبار ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 7 مسيرات فوق مقاطعة بيلغورود‎

وفيما يدور الحديث عن الدعم الغربي لأوكرانيا ومحاولة "هزيمة روسيا"، يُظهر ملف استيراد كييف للمسيرات من بكين مفارقة كبيرة في خارطة التحالفات الدولية؛ كون الصين تعتبر الحليف الأقوى لروسيا في العالم.

وبشأن هذه المعادلة التي ينظر لها البعض بأنها معقدة، أوضح الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أنطون تكاتشينكو أن "الأمر نوعا ما يدعو للاستغراب لكن تفاصيله توضح الصورة أكثر".

وقال تكاتشينكو، لـ"الخليج 365": "في البداية، تعدّ الصين من أكبر المصدرين للمسيرات في العالم، وبأسعار تنافسية كما كل صناعاتها، والطبيعي أن يقوم المشتري بالبحث دائما عن الجودة والسعر، والصين توفر هذين الشرطين، وأوكرانيا ليست استثناء، وتربطها بالصين كما أغلب دول العالم علاقات اقتصادية جيدة".

وأضاف: "لكن يجب الخوض في تفاصيل هذه الصفقات، فالصين تبيع لأوكرانيا مسيرات يطلق عليها استهلاكية، يعني للتصوير أو الرصد أو للاستخدامات المختلفة بعيدا عن القطاع العسكري".

ولفت إلى أنه "حين وصول هذه المسيرات يتم تعديلها في أوكرانيا لتصبح عسكرية وإلباسها الثوب الحربي، وهذا الأمر قد لا تستطيع الصين ضبطه مئة بالمئة".

أخبار ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان إعلان إسقاط طائرات مسيرة

وتابع الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية: "لكن في نهاية العام الماضي صدر قرار صيني يضع قيودا على بيع المسيرات وقطع غيارها، حينها ظن البعض أن المستهدف روسيا كونها تعتمد على بعض القطع الصينية لصناعة المسيرات العسكرية، لكن المتضرر فعلا كان أوكرانيا، التي تعتمد بشكل كلي على استيراد المسيرات القابلة للتعديل والرخيصة في الوقت نفسه من الصين".

وخلص تكاتشينكو إلى القول إن "كييف الآن تواجه معضلة المسيرات الأمريكية الرديئة وغالية الثمن، وهناك قيود على الاستيراد من الصين، والدعم العسكري الغربي ليس بأفضل حالاته".

وزاد: "لذلك، أتوقع تراجع وتيرة الهجمات بالمسيرات من قبل أوكرانيا مع قدوم فصل الصيف، رغم ارتفاعها في الآونة الأخيرة، إذا لم تجد كييف مخرجا لها مع الصين".

أخبار ذات صلة

أوكرانيا تعلن إسقاط 9 مسيرات و3 صواريخ أطلقتها روسيا

كفاءة صينية منقطعة النظير

تتربع الصين على عرش أكبر المنتجين للمسيرات، وكون هذا المنتج تحول لسلاح جديد، فإن استخدامه في الحرب الروسية الأوكرانية عمل ثورة في العلوم العسكرية، ودخل عالم الصناعات العسكرية من أوسع أبوابه.

وبات التنافس بين الدول المصنعة واضحا، كما باتت الكفاءة العسكرية لهذه المسيرات المعيار الأول للتقييم.

وقال الأكاديمي والباحث في تكنولوجيا الصناعات العسكرية، سيرغي بيلكوفيتش: "لا شك أن المسيرات حجزت دورا لها في قائمة المنتجات العسكرية الأكثر طلبا".

وأكد بيلكوفيتش أن "شركات التكنولوجيا العسكرية باتت تعطي لهذا السلاح الأولوية في التطوير والتحديث، وبالتأكيد كما الكثير من الصناعات تكون الصين حاضرة، وما يميز الصناعة الصينية هو السعر الرخيص والكفاءة المتوسطة إلى الجيدة نوعا ما".

أخبار ذات صلة

دير شبيغل: الصين تعتزم تصنيع مسيرات هجومية لتستخدمها روسيا في أوكرانيا

وبشأن المسيرات الصينية التي يزداد عددها يوما بعد يوم في أوكرانيا، أضاف، لـ"الخليج 365"، أنه "بحسب التقارير العسكرية وما تمت ملاحظته منذ الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، كانت كييف تعول على الصناعات الغربية، خاصة الأمريكية منها".

وأوضح: "لكن مع مرور أيام قليلة على الحرب، أثبتت المسيرات الأمريكية فشلها، حيث يمكن التشويش عليها بسهولة من وسائل الحرب الإلكترونية التي تملكها روسيا، يضاف إلى ذلك أعطالها الكثيرة وغلاء ثمنها جدا".

وتابع: "حينها اقتنعت كييف أن مبالغ الدعم المالي الغربي سيتم صرفها على المسيرات الأمريكية من دون الحصول على نتائج مرضية، وحينها قصدت كييف أنقرة للحصول على طائرات بيرقدار.

وأردف بيلكوفيتش: "رغم كفاءة هذه الطائرات إلا أنها لم تنجز المطلوب منها؛ فسعرها أيضا ليس رخيصا، ومع تطور المضادات الروسية فقدت المسيرات التركية مكانتها في الحرب الروسية الأوكرانية".

وأشار إلى أن "المخرج الذي كان متبقيا لأوكرانيا هي الطائرات الصينية التي تتميز برخص ثمنها وإمكانية تعديلها بسهولة وتحويلها من مسيرة للاستخدام المدني إلى مسيرة عسكرية تحمل أجساما متفجرة مختلفة الأحجام، لذلك تمكنت الصين من إثبات كفاءة منقطعة النظير في هذا المجال".

أخبار ذات صلة

مسيرات أوكرانية تهاجم موسكو

المسيّرات بديلا للذخائر

وبعد التغييرات التي حلت على سلسلة الدعم الغربية لأوكرانيا، باتت الأخيرة مضطرة للاعتماد على المسيرات بدلا من الذخائر المفقودة.

وبشأن إمكانية نجاح الحيلة الأوكرانية، قال الخبير في الشؤون العسكرية إليكسي ليبيديف إن "المعطيات على الأرض والقدرة الهجومية الأوكرانية تشي بأن كييف باتت تعتمد على المسيرات بشكل كبير، لكن الأوكرانيين أنفسهم اعترفوا أن قواتهم لا يمكنها الاعتماد على المسيرات فقط في الحرب مع روسيا".

وأضاف ليبيديف، لـ"الخليج 365"، أن "المسيرات هي أداة هجومية لا شك، ولها تأثير كبير، وروسيا أيضا طورت مسيراتها، وهناك أنواع من هذه المسيرات بات يطلق عليها المسيرات التي لا تقهر".

وأردف: "لكن اقتصار أدوات الهجوم عليها لا يفيد على الأرض نهائيا، حتى لو كانت أوكرانيا تملك مليون مسيرة، كما تقول، لن يمكنها تغيير أية حقيقة عسكرية يتم فرضها اليوم على الجبهة؛ فالقوات الأوكرانية تتراجع وتنسحب، وهناك تخبط واضح في إدارة الجبهات وتوزيع الجنود".

واستكمل حديثه قائلا: "إذا كانت أوروبا راغبة فعلا في مساعدة كييف، لا بد لها أن تفتح أبواب مخازنها العسكرية وأبواب بنوكها أيضا".

واستطرد: "هزيمة روسيا التي يتكلمون عنها بحاجة لكل ميزانيات الاتحاد الأوروبي؛ فهل هم مستعدون لدفع هذا الثمن؟ أشك بالتأكيد بذلك، وعملية إنهاء الجبهة الأوكرانية لم يعد وقوعها مرتبطا إلا بالوقت، ولن أقول في السنوات المقبلة، بل، باعتقادي، خلال الأشهر المقبلة".

Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا